مقالات

آفة المال ودرس فتوح..!!

كتب : سمير البحيري

اللهم أرحم الفقيد وصبر أهله، وألهمهم الصبر والسلوان، وعوض عليهم.. هذا أولا.. وثانيا.. واضح أن أحمد فتوح مخطئ وتحويل ملفه للجنايات، أمر صعب قد ينال حكم بتهمتى القتل الخطأ والتعاطي، بحسب مواد القانون، ودا نصيبه اللي يستحقه.

المحنة اللي بيتعرض لها اللاعب، درس لكل من هم مثله، فأغلبية لاعبي مصر، دائما ما يأتون من قاع المجتمع، فكرة القدم ليست للأغنياء، فهي لعبة الفقراء.. يأتون وهم لايملكون شيئا، ومن ثم يجدون أنفسهم أمام ملايين الجنيهات أو الدولارات، وطبيعي جدا أن يكون الأمر نفسيا مفاجئا بشيء من الغبطة والفرحة، ومابين التقلب النفسي الإيجابي والسلبي.!، ويبدأ اللاعب من دول في التحول من عيشة التقشف والفاقة، إلى عيشة الرفاهية والرغد.

ومن يقول أن المال هو كل شيء؟ هذا غير صحيح، الحب هو أهم ما في الحياة، ولذلك فأنا أحب المال”. لا شك أن للمال مكانة خاصة في حياة الإنسان، ويحتل حيّزاً كبيراً من خريطته النفسيّة والاجتماعية، ويعود ذلك لصميم فطرتنا في حب تملك الأشياء وحيازتها، وأيضاً لأن الإنسان صاحب رغبات متعددة وحاجات مختلفة تُلحُّ عليه فمنها ماديّة كالمطعم والمشرب والمسكن، ومنها معنويّة كالسلطة والمكانة الاجتماعية وتحقيق الذات وكثير غيرها، والمال كفيل في تسهيل تحصيل تلك الرغبات والحاجات، إلى هنا الأمر طبيعي وليس فيه مشكلة بتاتاً، لكن المشاكل تحدث حينما يتجاوز الإنسان إنسانيّته ويصبح “المال هو كل شيء في الوجود” أو “أن يزهد فيه كلية ويقلل من شأنه”، وبين ذلك وذلك تكون الاضطرابات والمشاكل التي تتعلق بالمال والتي يطلق عليها “أمراض المال”.

“أمراض المال” هذه أصابت لاعبنا فتوح، فهو لم يستخدم المال في حاجاته، فقط، واستكمال عيشة الرفاهية من ملبس ومسكن وسيارة، لم يكن كافيا له، ولهذا وقع في شرك التعاطي، وهي آفة “لعينة” يقع فيها المشاهير من لاعبي الكرة والفن، وكل صاحب مال لايعرف قدره، ولعلنا لمسنا وتابعنا وقائع مشابهة على مر العقود الماضية، آخرها مطرب يدعي عصام صاصا، ونال عقوبة بالسجن 6 شهور لتهمة مماثلة بل متطابقة مع تهمة فتوح.

الدرس هنا من هذه الواقعة، أن الشخص يخرج منها إما منكسرا منهارا، صعب عودته، أو كتجربة أعادته إلى صوابه، فيخرج منها متحديا لديه رغبة في العودة إلى الحياة السوية، والإنسان المتزن نفسيا، مابين ما يملك من مال ومابين مسؤولياته تجاه بيته ومجتمعه.

رحم الله الفقيد، وفك كرب فتوح وأن يكون هذا الدرس عودته لصوابه ورشده.

 

زر الذهاب إلى الأعلى